الثلاثاء، 15 يونيو 2010

الفراشة


فضَلت الصمت عن الكلام .. السكوت عن الثرثرة .. الهدوء عن الثورة و الضجر .
ليس سكوتها ذاك موقفاً سلبياً ، فان كنت تعرفها حق المعرفة فانك - ولا شك -تعلم ان اخر شئ يمكن ان تكونه هو ان تكون سلبية .
يرى الجميع سكوتها اليوم ، ما هو الا نوع من السلبية و الضعف و الاستسلام .. صوتها دوماً عالٍ .. هنا و هناك ضحكها يدوي في كل مكان .. توزع ابتساماتها على كل ما تسقط عيناها عليه .. بصفوة عيناها تلك تبهج كا من تنظر اليه .. تحلق و تطير كفراشة ربيع ملونة بين الناس ، فتنشر بينهم أكبر قدر من الحب و التفاؤل و النشوة .
تجدها الان تنزوي في أحد الأركان ، لم يعد صوتها عالٍ أو لم يعد لها صوت أصلاً ، كما أنها نسيت كيف تضحك ، بل كيف تظهر أسنانها تلك الصغيرة البيضاء المرتبة .. و قد نسيَ البعض أن لها سنٌ أمامي مكسور حده .
عيناها لم تعدا صافيتان ، فالدموع أضاعت صفة الصفاء فيهما ، تلك الدموع التي تستقر داخل مقلتا عيناها و لا تخرج فتلامسا صدغيها اللذان كانا ورديان يوماً حتى استحالا الى الصفار و الشحوب .
أما جناحاها فقد انكسرا .. فتلك العاصفة الترابية كانت كفيلة بتحطيم تلك الأجنحة الهشة الرقيقة .
فاليوم تلك الفراشة لا تطير .. لا تحلق .. لا تضحك .. فقط تجلس صامتة هناك .. في أحد الأركان البعيدة ، حتى لا يلحظ وجودها أحد .. مع الأيام سننساها جميعاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق